حوار مع الكاتبة شيماء زايد .. اسم يضمن لك عمق الفكرة ورهافة الحس الذي كتبت به. لها اسلوب خاص يميز قصصها يخاطب عقلك وإحساسك ويترك بصمته في روحك وافكارك..
ماذا تعني الكتابة بالنسبة لشيماء زايد؟
الكتابة اسلوب حياة. نكتب لنعبر عن أنفسنا وعن الآخرين . نجدل من الواقع والخيال وأعمق مشاعرنا ضفيرة سردية تحقق المرجو من الاشباع العقلي والروحي.
يقال اننا في زمن الرواية لكنك إخترتِ الإبداع من خلال فن القصص القصيرة، فلماذا القصص القصيرة؟
– سبق وقلتها أن القصة القصيرة تشبهني ، كتابة مكثفة عميقة تتداخل فيها كل الفنون تستدعي جميع الحواس ، طلقات شعورية تصيب روح وعقل القاريء ، تمتعه وتشغله في أقل المساحات السردية.
مجموعتك الأولى “للصفيح بريق خاص” ، كيف أتخذت قرار النشر، وهل واجهتِ صعوبة في ذلك؟
– قرار نشر مجموعتي الأولى لم يكن عشوائيا ، لم تكن المجموعة في أنضج صورة أدبية ، لكنها كانت الأكثر تلقائية ، عبرت بصدق عن مرحلة ما والأهم أن قرار النشر كان مرتبطا بوضع حجر أساس للطريق ، طريق الكتابة الاحترافية دون المساس بروح الهواية .
“في البيت القديم نقيم احتفالنا المعتاد بزينات زاهية، بابتسامات محفورة، بكلمات روتينية، وتحركات آلية. كلٌ منا داخل عالمه الخاص، كل منا حبيس نفسه ، نتعامل بمشاعر مطاطية”
كيف ترين شكل العلاقات الإجتماعية في هذا الزمن؟ وما السبب في رأيك؟
السؤال على سهولته من أصعب ما يكون ، النفس البشرية شديدة التعقيد ، كل انسان له معمل بشري خاص ، حتى لو وحدت مدخلاته ومعطياته لا يمكن أبدا ان ينتج نفس المخرجات ، لا قواعد هنا ولا كتالوجات ،الجمع بين عدة نفوس بشرية داخل علاقة ما تحكمها بيئات مشوهة ضاغطة لا تمنح فرصا عادلة للفهم والتقبل ينتج العديد من العلاقات البلاستيك كما تم وصفها في القصة .
“ارتديت هذه الأشياء وأبدا لم أشعر تلك البهجة القديمة مازلت في تجوالي ابحث عن شىء لا أعرفه”
قصة للصفيح بريق خاص، تجعلنا نتساءل، في رأيك ما الذي يصنع البهجة الوقت أو المكان أم أن البهجة ترتبط بوجود أشخاص وجودهم هو البهجة؟
البهجة هي ما يستمد من عيون الآخرين ، الانسان مخلوق ضعيف ، لا يستطيع العيش وحيدا أبدا
“لست بأنثى مجموعة قصصية تتناول الأنثى خارج الدور البيولوجي حيث تواجه الآخر والمجتمع ونفسها أولا في مساحة تتقاطع فيها الهزائم والانتصارات”
إلى أي مدى مازالت المرأة تعاني من حصرها داخل الدور البيولوجي بغض النظر عما يمكن أن تصل له، وكيف يمكن أن تتخطى ذلك، وهل يمكننا أن نغير تلك النظرة؟
معاناة المرأة لن تنتهي ابدأ ، لانها مرتبطة بمعاناة الجنس البشري بأكمله ، النفس البشرية بما ينتابها من غرور غريزي لن تتوقف عن رصد الاختلافات ومحاولات اعلاء الشأن بالحط من الأخر ، والتمايز النوعي/ اللوني / العرقي / الديني …يظل قائما مهما سنت القوانين وتفانت المجتمعات في اظهار التحضر .
ليس على المرأة أن تناضل لتغيير أي شيء ، يكفيها أن تحافظ على سلامها النفسي بينما تمضي قدما في كل السبل المتاحة وهي على وعي كامل بقدراتها وامكانياتها دون زيادة أو نقصان ، والمجتمعات سوف تنفض ارثها تباعا بالتدريج .
” في مدينتي كل البنات يعشن بقلوب مكسورة.. وكل البنات اللائي يولدن يعلموهن الحذر. “
في الآونة الأخيرة تزايد العنف ضد المرأة و شهدنا حالات لجرائم قتل في وضح النهار على مرأى ومسمع من الناس ورغم ذلك وجدنا من يدافع عن المجرم ويبرر له ويلقي باللوم على الضحية ، فكيف تري هذا المشهد؟
كما قلت سابقا ، الأمراض المجتمعية ستظل قائمة مهما تقلصت ، وثقافة لوم الضحية ليست جديدة، دائما ما تميل المجتمعات المقهورة للوم الطرف الأضعف ، لكن الانفتاح التكنولوجي يجعلها أوضح وأكثر صخبا .. إذا حصر الإنسان في قاعدة هرم ماسلو من احتياجات فسيولوجية فكيف له أن يصل لقمة الهرم، أي تقدير الذات.
” على صوت قرع الطبول المتوترة المتسارعة، والموسيقى المتحفزة التي تحبس الأنفاس.. تتحسس قدمه بداية الحبل، يتأكد من عدم ارتخائه.. يحمل كل العصيان على كتفيه عند المنتصف.. يوازن أحماله جميعاً.”
أحيانا يعيش الإنسان المعاصر أزمة الإغتراب عن مجتمعه بينما يوازن الأحمال في سيرك الحياة، فما السبب، وهل هناك سبيل لعقد صيغة ملائمة تنهي حالة الإغتراب في رأيك؟
كما تفضلت بالذكر ، انه سيرك الحياة ، العرض تلو العرض ، يتغير المكان ، الجمهور ، الفقرات ويبقى السيرك منصوبا ، ينجح الانسان مرة ويخفق مرة وهو مجبر على الاستمرار ، والاستمرار له ضرائبه والاغتراب احد هذه الضرائب ، نحن لا نملك رفاهية التوقف لذا لا نملك صيغا ملائمة .
” صورة الشقراء ترضع طفلها داخل البرلمان كانت حديث مواقع التواصل الاجتماعي، لذا أعاد نشر الصورة كأيقونة للأمومة..
ذيلها بوصلة في مديح التحرر والاستقلالية، وشن حروب الكلمات على المستنكرين……..
وفي محطة القطار عندما رآها داخل مركز دائرة الجوعى، والعيون الذئبية تترصدها تستطلع ما خلف ساتر الرضاعة، بينما هي تدور في فلك الصغير وحده تمنحه بعضا منها لينعم بالسكينة، رمق الأم بنظرة أمتعاض متسائلا لماذا صنعت زجاجة الإرضاع؟! “
في رأيك إلى أي مدى تعاني المرأة من تلك الإزدواجية في إطلاق الأحكام؟ وهل تحترم بيئة العمل المرأة العاملة الأم بشكل يُراعي أمومتها وحقوق الطفل؟
الازدواجية أحد مخرجات النفس البشرية ، والمرأة هي حاوية المجتمع وخط الدفاع الخلفي ، لذا يعود إليها الجميع بأثار هزائمه وأمراضه كما عهدنا دائما في تداول القهر ، الرأسمالية لا تحترم الانسان في المطلق- إلا من رحم ربي- لذا قليلا ما نرى بيئات عمل تحترم الإنسان بنوعيه ، وخصوصا الأم العاملة ، اما عن الاطفال وباعتبارهم الحلقة الاضعف فسوف ينالهم قدر من الضغط .
تعاني الكاتبات من الربط بين ما يكتبن من إبداع وبين حياتهن الشخصية فهل تعرضتِ لمثل هذا وكيف تعاملتِ معه؟
بالتاكيد نالني قدرا من هذا الاسقاط ، لكنه لم يزعجني ، من الصعب ان يدرك غير الكتاب ان كل نص منثور هو بوتقة تحوي حيوات ومشاعر وافكار عدة لا يمكن أن تنقل نقلا من الواقع ولا يجوز أن نفصلها عنه بالكلية .
ما هي مشاريع شيماء زايد القادمة؟
الحقيقة ان هناك مشاريع مؤجلة.
حوار /
شيماء أحمد
إقرأ أيضًا