صرح الكاتب ” السيد الشايب” بأنه يحضر لكتابة الجزء الثاني من كتاب (رحلة نحو الجذور).
وقد خصنا بحوار صحفي في لقاء الأمنيات للحديث عن أهم أعماله. وحوار شائق وممتع عن الأدب والأدباء.
كاتب مثقف وصاحب رسالة سامية، تشابه أسلوبه مع مولانا الرافعي ليعبر عن مدى إلمامه باللغة العربية والأدب وفنونه.
الكاتب ” السيد الشايب” في لقاء الأمنيات
س: هل يمكن أن تعرفنا أكثر عن نفسك؟
- اسمي السيد أحمد (الشايب).
- (٢٤) عام.
- من مواليد الدقهلية مركز المنزلة.
- حاصل على دبلوم صناعي، أعمل في مجال الأخشاب وما يُصنع منها.
س: ما هي مواهبك؟
• الكتابة هي موهبتي الأولى وتكاد تكون الوحيدة.
س: ما هي هواياتك؟
• هوايتي الأولى القراءة أتفرغ لها دائمًا، وكرة القدم أيضًا.
س: إلى أي مجالات الكتابة تنتمي كتاباتك؟
• أنا أميل أكثر لمناقشة المشاكل الاجتماعية بجميع جوانبها النفسية وما إلى ذلك إن كان العمل رواية، وإن كان كتاب فأميل للكتابة عن قضايا الأدب الشائكة والمنسية.
س: كيف تقضي أوقات فراغك؟
• قلما أجد فراغ من بين ساعات العمل وإن وجِد أحاول بين الحين والآخر تجديد الشغف كالقراءة في أماكن مختلفة، الجلوس أمام البحر إن استطعت.
س: من قدم لك الدعم للدخول في عالم الكتابة؟
• الداعم الأول في بدايتي هو صديق وقع تحت يده بالصدفة مدونة مذكرات وكان قارئ جيد جدًّا، تعجب من طريقتها وهو الذي وجهني حينها للطريق الصحيح.
س: كيف اكتشفت قدراتك الإبداعية في عالم الكتابة؟ ومتى كان ذلك؟
• اكتشفت أني أستطيع الكتابة حين انتهيت من الحديث عن ذاتي، أدركت نفسي حينها وأنا نهم بالبحث في قضايا الأدب كالنحل والتواريخ المنقولة بالتحريف، بدأت الكتابة وأنا ابن الثانية عشر أو أقل.
س: لماذا تكتب؟
• لدي أسباب كثيرة للكتابة وأهمها أن أترك أثر في الأدب العربي، شيء يكون اسمي عليه في المكتبة العربية يصنع فارقًا أكبر من كونه عددًا أو حقق مبيعات، مرجع يُستند إليه في قضية هامة ولو كان عملًا واحدًا.
س: من مثلك الأعلى من الأدباء القدامى والمعاصرين؟ والسبب؟
• مثلي الأعلى في الكُتَّاب القدامى، مولانا (مصطفى صادق الرافعي)، يليه العلَّامة (محمود محمد شاكر)، سبب اتخاذي الرافعي وشاكر قدوة كونهم أكثر أبناء جيلهم دفاعًا عن العربية والإسلام، قدموا الكثير ولم ينصفهم الإعلام للأسف كما أهملتهم الدولة.
• لا أتخذ مثلًا أعلى من المعاصرين فلست منغمسًا بالقدر الكافي في الأدب المعاصر ولكن أرى أقلام كثيرة واعدة أتمنى أن يكون لهم بصمة كبيرة في أدبنا.
س: ما هو العصر الأدبي المحبب لقلبك؟ والسبب؟
• عصر الرافعي وأقرانه، هذا هو جيل الإزدهار الأدبي، الجيل الذهبي الذي أثرى المكتبة العربية بأدب لا يقارن بمثله في مصر، كانوا أصحاب قضايا ووقفوا في وجه أدباء جيلهم الذين زاغ قلمهم عن الحق كأمثال (طه حسين، لويس عوض).
س: هل فكرت في تجربة النشر الإلكتروني من قبل؟
• نعم فكرت وكان هذا الرأي السديد في رحلة النشر الخاصة بي، كان وسيلة جيدة لبناء علاقة بيني وبين القارئ.
س: كيف تمكنت من صقل موهبتك الأدبية؟
• بالقراءة الكثيرة الغير منقطة لأعوام، حكمت على نفسي بترك القلم والتفرّغ للقراءة الشاقة وأنا ابن الخامسة عشر دون كتابة حرف لمدة تجاوزت الثلاث أعوام فلم أعود للقلم إلا وأنا مقبل على التاسعة عشر، كانت تلك أكبر فترة قضيتها في القراءة المتواصلة دون الكتابة، ثم بعد ذلك جاء دور الإرادة وإدارة الموهبة من مراجعة ومعرفة الثغرات.
س: ما هو رأيك في حال الأدب في مصر حاليًا؟
• الأدب المصري الآن في وعكة، الكثير من المواهب والقليل من الظهور، الكاتب مغمور بين دور النشر الرابحة وكثرة عدد الكُتَّاب.
س: ما هي الأدوات التي يجب أن يمتلكها الكاتب؟
• يجب أن يمتلك الصبر والتأني على عمله حتى يتدارك ما يحتاجه.
س: كيف يحافظ الكاتب على استمرارية تواجده ونجاحه؟
• النجاح ليس شرطًا للجودة ولكن الجودة شرطًا للنجاح، لذا يجب أن يحافظ على جودة ما يكتب ولا يهم الوقت.
س: ما مدى أهمية السوشيال ميديا بالنسبة للكاتب؟
• حاليًا هي العامل الأساسي للكاتب وظهوره.
س: أيهما تفضل النشر الورقي أم الإلكتروني؟ والسبب؟
• حاليًا أفضل النشر الإلكتروني حتى يُصلح الله حال السوق النشري ، لكن النشر الورقي هو الغاية.
س: ما هو ردك على تشبيه البعض لأسلوبك بالرافعي؟
- تشبيهي بـالرافعي لهو شأن رفيع لقلمي وذاتي، و أتمنى أن أكون أهلًا له.
- أنا أميل للبلاغة في الكتابة وهذا كان أسلوب المدرسة القديمة، أما تقارب أسلوبي بالرافعي فهذا محض صدفة وإن كانت رائعة.
- أنا أقرأ للرافعي من سن صغير، ولا أنقطع عن القراءة له بين الحين والآخر، أعمال الرجل تحتاج للقراءة المتأنية والقراءة أكثر من مرة، لعل هذا سبب، وللأسف قلما تجدي قارئ يدرك حجم الرافعي.
س: هل حصل الرافعي على المكانة التي يستحقها؟
• الرافعي لم ينل المكانة التي يستحقها هو وأدبه، للأسف لو كان في بلدٍ آخر يقدر لكان علمًا على كل مباني الثقافة.
س: لماذا لم يحصل الرافعي على المكانة التي يستحقها رغم ما خلفه من أدب جمّ؟
• لنقارن ببساطة بين ما قدم الرافعي وما قدم طه حسين وننظر لمكانة هذا وذاك.
• وشتان بين الرافعي وأدبه وطه وهرطقته لكن طه نال على هرطقته تلك مكانة لا تذهب لليوم كان أحق بها الرافعي وما نفع به الأدب.
س: ما هو رأيك في أدب نجيب محفوظ؟
• محفوظ كان ناشئ حين قدم الرافعي تاريخ، فلا مجال للمقارنة، لكن إن تحدثنا عن أدبه، فأرى أن نجيب محفوظ قد قدم الكثير، واستطاع أن يصل لشريحة عريضة من القُرّاء، لكن لدي تحفّظ عليه فهو من فتح باب التسهيل لكل شيء في الكتابة، فلو سألنا كاتب اليوم لماذا بلاغتك منعدمة في روايتك يقول انظر محفوظ تتلمذ على يد من وعاصر من وكانت روايته فيها عامية، لذا انتسب إليه قضية هامة وهو كان عنها ببعيد، رغم أن أدبه لا يقارن بأدب اليوم.
س: ما أوجه الإعتراض على وجود العامية في كتابة الروايات فهي الأقرب لعامة الناس؟
• إن اللغة العربية البليغة الصحيحة هي قوام فكر الأمة وعقلها النابض وثقافتها، فإن لم تكن في الحديث فيجب أن تكون في ثقافتها وأدبها المورث، فكم مرة تغيرت لغتنا؟ الكثير ولكن العربية لغة القرآن راسخة، اللغة العامية لن تكون تاريخ لذا عدمها واجب، إن تغيرت مع مضي الأعوام لهجتنا كما تغيرت في السابق فبماذا ستفيد العامية؟
س: هل يمكن كتابة الرواية ( حوار وسرد) بالفصحى؟
• نعم يمكن بل وهذا هو الصحيح.
س: لكن البعض يرى أن الحوار بالعامية هو الأقرب للواقعية؟
• أرى أن الكاتب الذي يستعصي عليه إيصال مقصده بالفصحى فالخلل منه لا من اللغة، مع احترامي لرغبة الجميع إن وضعوها في الحوار فقط.
س: لو تستطيع محو تاريخ أحد الأدباء فمن يكون؟
• أن أمحي تاريخ الدكتور طه حسين، عارٌ على أدبنا أن يكون هذا جزء من تاريخه وأن يكون عميد أدبنا منتحل.
كيف بدأت كتابة روايتك؟
• كانت رحلة قضيتها منقطعًا عن العمل والقراءة حتى يتفرغ فكري كاملًا لها وأنهيتها في فترة قصيرة ثم تركتها نحو خمسة أشهر وعدت لمراجعتها وكانت المراجعة بمثابة الكتابة من جديد.
س: ما هي نصيحتك لمن يمتلك موهبة ولا يستطيع ترتيب أفكاره وكتابة الرواية؟
القراءة المتأنية لمعرفة كيف تكون البداية والذروة بصراعتها ثم حبكة النهاية، وليحكم بعد ذلك أفكاره ويرسم شخصياته ويصنع كل أركانه صناعة متدبرة فيها ويبدأ بعد ذلك.
س: ما هي أعمالك المنشورة؟
• نوفيلا (تزدري أعينكم)، كتاب(رحلة نحو الجذور) وبعض القصص القصيرة، تم نشرهم إلكتروني.
س: ما هي أعمالك القادمة؟
• العمل القادم (إن شاء الله) الجزء الثاني من (رحلة نحو الجذور) نقد فكري لأعمال (الدكتور: طه حسين).
س: ما هي أمنياتك للمستقبل؟
• أن يكون الأدب العربي والمصري خاصة أدب عالمي لأن هناك مواهب تستحق الظهور.
س: كلمة أخيرة تود توجيهها لجمهورك من القراء والمتابعين؟
كلمة لجمهور القُرّاء عامة، لا تكن وسيلة ترويج للأعمال الفاسدة والأدب المتدني.
في الختام نتمنى لك دوام التوفيق والنجاح.
نترككم مع باقة مميزة من كتاباته العطرة.
” اقتباسات”
” ظل الغراب يُحارب العصفور كرهًا فيه وفي حب النَّاسِ له، حتىٰ هاجر العصفور عشه ورحل يبحث عن شجرةٍ أخرى آسفًا على حاله، استيقظ الغراب في الصباح الباكر يحاول نظم قصيدة من تلك التي ينظمها العصفور ويغرّد بها ليطرب الآذان؛ لكنه فشل فشلًا ذريع، خرج النَّاس من النوافذ والشرفات يلقونه بالحجارة علىٰ أعين جميع الطيور الساكنة والمحلقة، حلق طائرًا في السماء حيث يكون بعيدًا عن القذائف والسباب، كان يظن المسكين أن خلو مكان العصفور سيُتيح له حق التغريد، أن وقوفهُ في مكان كان يقف فيه سيجعل منه شاعرًا، مسكين لم يكن يعلم أن الغراب سيظل نذير شؤم حتى لو تحولت حنجرته لبيانو، سيعود العصفور يومًا إلىٰ مكانه ينظم أجمل الألحان حينها سيقف الغراب مستمعًا كما اعتاد أن يكون في حضرة العصفور، ربما حينها لا يُتاح له حق الاستماع”.
***********
” اقتباسات”
” لِمَا ظَنَّ أَنَّهُ هَالِكٌ لَا مُحَالٌ؛ أَنْبَتَ اللَّهُ فِي بُسْتَانِ حَيَاتِهِ وَرِدَةٌ، تَعْكِسُ جَمَالَ الطَّبِيعَةِ فِي نَفْسِهَا حِينَ يَلْبَسُهَا الْخَرِيفُ دَهْرًا وَيَطُوفُ عَلَيْهَا الرَّبِيعُ بَعْدَ يَأْسٍ، حِينَهَا فَقَطْ أَحَبَّ حَيَاتِهِ وَنَفْسَهُ، وَجَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانَتْ تُرْهِبُهُ “.
في الأنثىٰ أقفالٌ لا تُفتح إلا لذلك المُستقر في قاعها، الذي استطاع النظر في أعماقها، كما ذلك الذي فقد بصره ولم تستطع تلك العقبة أن تُعيقه عن رؤية الطبيعة الخفية ومداعبتها بقلبه، أُلقي بنفسي كل ليلة في أحضان تلك الطبيعة لأتجزأ قطرات صغيرة في قلبها كما حبات المياه علىٰ رؤوس العُشب، فتأخذ كل حبّة منها تُلطفها وتعتني بها حتىٰ الصباح الباكر كي لا تُصيبها حرارة الشمس بمكروه وتتبخر، وتتجمع قطراتي مِن جديد في راحتها سيرًا في موكب الطبيعة كنهرًا جارِ منها وإليه..
*******
” اقتباسات”
تُفضل التخفي في كل مرة تستهويها نفسها للظهور. تُحب الغموض، ترىٰ أن الظهور تحت الأضواء يجعلها عارية وهذا يجعل رؤية النَّاس لندوبها سهلة، في كل مرة تكون في القاع تُنقّب عن قاع آخر أشدُ عُمقًا بأظافرها المليئة ببقايا الذكريات، تخشىٰ دومًا أن يكتشفها أحدهم ويعلم عنها ما لا يطفو علىٰ وجهها الشاحب، ذلك الشيء هو ما أجادت طمسهُ في أسبار أغوارها، تمشي دائمًا حذو المباني الفارهة، تتحدث بصوتٍ خفيض حتىٰ لا يستيقظ أشخاصًا ماتوا بداخلها، لطالما أحبت عزلتها رغم خوفها مِن كونها وحيدة، كانت تُحب كل شيء قبل الخروج للعالم، لقد كانت ضحية الشغف.
أقِف أمام خَزنة انتصاراتي لأفتِش عَن ما يدفعُني للأمام قليلًا فأجِد؛ العثَرات تقِف في وَجه الخَزنة. وتِلك المَرات التي تقاطرت الدماء مِن أعلىٰ جبين قلبي. الأفكار التي تكالبت عليّ، سروال قصير تتعلق بهِ بعض الذِكريات. قطعة صغيرة مِن روحي مُندَثرة أسفل الخَزنة. وانتصار صغير يتكرر كُل يوم؛ هو أني علىٰ الرَغم مِن ذلك أستيقظ كُل صباح لأنظُر إلىٰ تجاعِيد وجهي، وأنادي أيا وَجه شبابي القبيح.
«تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ»
#السيد_الشايب
#لقاء_الأمنيات
#زينب_سيد
إقرأ أيضاً